28. سبتمبر 2025

الهروب من الخوف

بريجيت غيزل

“تيدي بير، تيدي بير، استدر”. تقف أنسام عودي في نصف دائرة مع خمس من تلاميذها الصغار في حوض السباحة المخصص لغير السباحين في المسبح المفتوح بمدينة توبنغن. يمسك الجميع بأيدي بعضهم البعض ويرددون القافية سويًا. وعند الإشارة يتركون الأيدي ويدورون حول أنفسهم وفي أذرعهم “عوامة المعكرونة”. يطفون على سطح الماء ويضحكون. ومعلمتهم تبتسم أيضًا. في اليوم الثاني من دورة تعليم السباحة للمبتدئين التي ينظمها مشروع “السباحة لجميع الأطفال”، أصبح الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين خمس وعشر سنوات أكثر شجاعة. فالماء الفيروزي المتلألئ تحت الشمس أصبح مألوفًا لهم أكثر من اليوم السابق. باتوا يجرؤون على القفز فيه مباشرة أو غمر رؤوسهم تحته قليلًا. وتعلم أنسام أن فرص نجاح طلابها في اجتياز اختبار شهادة “حصان البحر” في نهاية الدورة كبيرة.

من تلميذة إلى معلمة
أنسام عودة لم تكن تتوقع يومًا أن تعلم الأطفال السباحة في مسبح ألماني مفتوح. ولدت عام 1997 في شمال العراق، وهناك لم يكن التفكير في السباحة ممكنًا. وحتى عام 2016، عندما هربت خوفًا من الاضطهاد مع اثنين من إخوتها الصغار إلى ألمانيا، كان الماء غريبًا عنها تمامًا. لم تسبح يومًا من قبل. تجنبت الماء أيضًا أثناء رحلة الهروب وفضلت الطريق البري الطويل والخطير. وأخيرًا وصلت إلى أوفتردينغن حيث بدأت تعلم اللغة الألمانية.
عام 2019 سمعت عن مبادرة “السباحة لجميع الأطفال” ودورات السباحة، وكان شقيقها قد بدأ يتعلم السباحة هناك. تقول أنسام: “كنت أريد أن أجرب ذلك”. لكنها كانت مترددة: ماذا يرتدي المرء للسباحة؟ وماذا سيقول الناس؟ بحثت مع شقيقتها في الإنترنت عن ملابس سباحة، واختارت في النهاية بدلة بقطع طويلة نسبياً جعلتها تشعر بالأمان. ثم حضرت أول حصة سباحة في مسبح أوهلاند في توبنغن. تقول: “كان شعور الماء جميلًا”. ومنذ ذلك الحين تعلمت كل شيء: من سباحة الصدر حتى الكرول، الظهر والدولفين، وبدأت تغطس ونالت شهادة “حصان البحر” وشهادات سباحة أخرى. وفي وقت لاحق خطرت لها فكرة الالتحاق بدورة تدريب منقذة سباحة لمساعدة الآخرين.

الصراع مع الخوف
لكن فجأة ظهر الخوف. فمع أن أنسام لم تمر بتجربة سيئة مع الماء وكانت سباحة جيدة، أصبح الماء يبدو لها مهددًا. أخذت تتخيل ما رواه لاجئون آخرون عن أهوال عبور البحر في قوارب الهجرة. وحتى في عائلتها نفسها هناك من غرق في البحر أثناء الهروب.
واجهت أنسام مشاعرها. تقول: “كنت أقول لنفسي دائمًا: لن أستسلم”. تقنع نفسها أن تجرب مرة أخرى فقط. لكن في الموعد التالي كان شجاعتها أقوى من الخوف. دخلت الماء وواصلت دورة إنقاذ السباحة. تدرّبت على طرد الخوف في البيت، أمام المرآة، محدثة نفسها بما أنجزت، أو وهي جالسة في غرفة مغلقة العينين متخيلة صورًا للماء. وإذا لم يكن هذا كافيًا، استحضرت صورة إخوتها الصغار ورحلة الهروب: “إذا تمكنت من ذلك، فسأتمكن من هذا أيضًا”.

أردت أن أرد الجميل
مع الوقت تلاشى الخوف وعادت متعتها بالماء. حتى جائحة كورونا لم توقفها عن متابعة تدريبها لتصبح معلمة سباحة. رغبتها في نقل تجربتها للآخرين كانت أقوى. ومنذ أول دورة سباحة لها ارتبطت أنسام بجمعية “السباحة لجميع الأطفال”، تساعد في الدورات، وتدريجيًا مع تدريبها كمنقذة سباحة صارت تقوم بمهام معلمة سباحة. بالنسبة لها، أصبح هذا النادي شيئًا يشبه العائلة. تقول: “كنت أريد أن أرد الجميل”.
حصلت أيضًا على تدريب إضافي كمعلمة سباحة للأطفال ذوي الإعاقات، وأصبحت قادرة على قيادة دورات يشارك فيها أطفال لديهم إعاقات. وحتى أثناء تدريبها كمساعدة محامٍ وجدت وقتًا لدورات السباحة. بعد التخرج تبحث الآن عن وظيفة، وقدمت طلبًا للحصول على الجنسية الألمانية، لكن الإجراءات متوقفة حتى تجد عملًا جديدًا.

فريق متنوع
أنسام ليست الوحيدة من ذوي تجارب اللجوء التي تعلمت السباحة مع النادي ثم أصبحت معلمة. سلك نفس الطريق إيدي من سوريا وروزبِه من إيران. أما فادزيم من بيلاروسيا فجاء إلى ألمانيا وهو منقذ سباحة معتمد. تقول مانويلا زاخَرَر، إحدى رئيسات النادي: “حاليًا نصف الفريق لديهم خلفية هجرة”. ويظهر مدى الارتباط بالمبادرة في أن معظم معلمي السباحة لا يتقاضون حتى بدل نفقات.
تثني مانويلا كثيرًا على أنسام: “بإمكانها فعل كل شيء، وهي موثوقة جدًا وتتعامل مع مختلف الناس ببراعة”. وحدها والدتها لم تستطع أنسام إقناعها بالسباحة: “هي حقًا لم تكن تريد أن تتعلم”، تقول أنسام. ومؤخرًا علمت أنسام مجموعة نساء لاجئات السباحة في موسينغن. في البداية لم يرغبن في دخول الماء، لكنها كانت واثقة أنهن سينهين الدورة بـ”حصان البحر”. وكانت على حق.

معلومات: “السباحة لجميع الأطفال”
تأسس مشروع “السباحة لجميع الأطفال” عام 2015 بمبادرة من داغمار مولر، وهو جزء من جمعية “تحالف من أجل الأسرة توبنغن”. هدفه منح أطفال العائلات اللاجئة والأسر ذات الدخل المحدود حصص سباحة مجانية. يوجّه العرض خصوصًا للأطفال واليافعين الحاملين لـ KreisBonusCard. اليوم تُعقد الدورات ليس فقط في مسابح توبنغن المفتوحة والمغلقة، بل أيضًا في موسينغن، روتنبورغ وأمربوخ.
في البداية كان يتم تعليم 30 طفلًا سنويًا، أما اليوم فيتولى 38 متطوعًا تعليم 400 طفل ويافع السباحة. سبعة منهم كانوا قد تعلموا السباحة في نفس المبادرة. أعضاء الجمعية يأتون من 13 بلدًا ويتحدثون 25 لغة.

tun25080504

www.tuenews.de/ar