28. سبتمبر 2025

بالأنف، باليد، أو عن طريق الانحناء: التحية حول العالم

علا محفوظ

التحية هي عنوان الثقافة، فهي تعكس عادات الشعوب وتقاليدها، كما تكشف عن طريقة التعامل مع الجسد ومدى احترام الخصوصية. لكل مجتمع أساليبه الفريدة في التحية، والتي تتنوع بين القرب الجسدي مثل العناق والتقبيل، وبين أشكال أكثر تحفظًا كالانحناء أو وضع اليد على القلب. الإلمام بهذه العادات يساعد على تجنب سوء الفهم والوقوع في مواقف غير ملائمة عند التعامل مع ثقافات مختلفة

العناق والقبل
في أمريكا اللاتينية، يعد العناق والربت على الظهر جزءًا أساسيًا من التحية، وهو تقليد قديم كان يُستخدم في الماضي للتأكد من عدم وجود أسلحة مخبأة. أما في اليابان والهند وألمانيا وبعض المناطق الآسيوية، فيُنظر إلى التقبيل على أنه تصرف غير لائق، بل قد يُفهم أحيانًا كإشارة ذات دلالة جنسية. وعلى النقيض، فإن التقبيل يُعد التحية الأهم في العديد من الدول مثل فرنسا، هولندا، بلجيكا، سويسرا، إيطاليا، إسبانيا، البرتغال، البرازيل، والأرجنتين. في الولايات المتحدة، يُعتبر التقبيل بين الرجال غير مقبول اجتماعيًا، بينما يُسمح به بين الرجل والمرأة، في حين يفضل الرجال المصافحة، القبضة المتشابكة، العناق، أو التلويح

التحية بالأنف
في بعض الثقافات، يُستخدم الأنف كوسيلة للتحية، حيث يقوم شعب الماوري في نيوزيلندا بفرك الأنوف مع وضع الجبهة معًا، مما يعكس ارتباطًا روحانيًا عميقًا. أما في دول الخليج، مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، يُعد ضغط الأنوف بين الرجال تعبيرًا عن الاحترام والتقدير

التحية بدون تلامس جسدي
في بعض الثقافات، يُفضل تجنب التلامس الجسدي عند التحية. في كوريا، تُؤدى التحية من خلال الغمز والابتسامة دون أي تواصل جسدي أو إطالة في النظر. أما في الهند، فيتم إمالة الرأس قليلاً مع ضم اليدين معًا في إشارة تُعرف بـ”نمستي”. في اليابان، ينحني الشخص مع ضم قدميه، ويعكس عمق الانحناءة مستوى الاحترام الموجه للمُحيّى. في تايلاند، تُجمع اليدان معًا مع ميل طفيف للجذع، بينما في سنغافورة، يتم ضم الكفين بالقرب من القلب. في الصين، لا تزال التحية التقليدية عبر الانحناء قائمة، إلا أن المصافحة أصبحت أكثر شيوعًا في السنوات الأخيرة

المصافحة
تُعد المصافحة من أكثر طرق التحية شيوعًا حول العالم، وهي تُستخدم في مختلف الثقافات وفي المناسبات الرسمية بين رؤساء الدول. نشأت المصافحة في الأصل كإشارة للسلام، حيث كان رفع الأصابع يُظهر عدم حمل أسلحة، وتطورت لاحقًا إلى المصافحة التقليدية مع تحريك اليد للتأكيد على خلوها من أي شيء مخبأ. يمكن العثور على هذه العادة في الأعمال الفنية القديمة، مثل النقش الحجري الذي يعود إلى القرن التاسع قبل الميلاد، والذي يُظهر الملك الآشوري شلمانصر الثالث يصافح أحد البابليين

في بريطانيا وألمانيا، تُعد المصافحة الطريقة الأساسية للتحية، بينما يُفضّل الأصدقاء العناق بغض النظر عن الجنس. أما في العالم العربي، فيُعبر عن الامتنان والاحترام بوضع اليد اليمنى على القلب مع انحناءة بسيطة للرأس. في كل من إندونيسيا وتركيا، يقوم الأشخاص بعد المصافحة بإمالة رؤوسهم ووضع اليد على الصدر. في هذه المجتمعات، يُعتبر تقبيل يد كبار السن، مثل الوالدين أو الأجداد، ووضعها على الجبين علامة على التقدير والاحترام

المصافحة بين المسلمين
يلعب الدين دورًا مركزيًا في الثقافة، والإسلام لديه وجهة نظره الخاصة حول التحية، حيث يشجع عليها لما لها من آثار إيجابية على العلاقات الاجتماعية. ومع ذلك، للإسلام قواعد واضحة بشأن طريقة التحية، لا سيما فيما يتعلق بالتواصل بين الجنسين.
بالنسبة للمصافحة بين الجنسين، توجد آراء مختلفة. يرى معظم العلماء المسلمين أن المصافحة بين الرجال والنساء الذين ليسوا متزوجين أومن المحارم غير مسموح بها. وينبع هذا الحظر من احترام التعاليم الدينية التي تهدف إلى الحفاظ على مسافة بين الجنسين.
يسمح بعض العلماء بالمصافحة في ظروف معينة، مثل المواقف الرسمية أو المهنية الهامة، لتجنب سوء الفهم أو الضرر، لكن ذلك ليس شائعًا. في المجتمعات الإسلامية الأكثر تحفظًا، تعتبر المصافحة بين الرجال والنساء غير ملائمة، لأنها قد تنتهك خصوصية المرأة

الأهمية الثقافية للتحية
أساليب التحية المذكورة هي أمثلة شائعة في البلدان أو المناطق حول العالم، لكنها لا تعني أن جميع المواطنين في هذا البلد يستخدمونها بانتظام أو أنهم على دراية بها
طريقة التحية تعكس ثقافة البلد وكذلك قيم ومعتقدات الناس. غالبًا ما تعكس طريقة التحية درجة الانفتاح، والمعتقدات الدينية، والمواقف الشخصية. التحية ليست مجرد كلمة “مرحبًا” بسيطة – فهي تعبر كثيرًا عن الشخص والمجتمع

tun25011302

http://www.tuenews.de/ar