مصطفى الياسين
تعد ليلة يلدا، والمعروفة أيضًا باسم ”شب يلدا“ أحد أقدم وأهم المهرجانات في إيران، ويُحتفل بها في 21 ديسمبر (30 آزار) وهي تعتبر أطول ليلة في السنة. وتصادف هذه الليلة الوقت الذي يصل فيه الظلام إلى ذروته ويصبح النهار أطول مرة أخرى من اليوم التالي. في التقويم الشمسي، يتزامن هذا التغيير مع بداية فصل الشتاء وكان يُنظر إليه في العصور القديمة على أنه انتصار النور على الظلام.
تعود جذور مهرجان يلدا إلى العصور الفارسية القديمة: فقد أُدرج المهرجان في التقويم الرسمي للإمبراطورية الأخمينية في عهد داريوس الأول حوالي عام 500 قبل الميلاد. كانت الإمبراطورية الأخمينية إمبراطورية فارسية كبيرة (550-330 قبل الميلاد) امتدت من آسيا الصغرى إلى الهند، وكانت معروفة بإدارتها التقدمية وتسامحها الثقافي. كما لعبت دوراً رئيسياً في العصور القديمة وفي الديانة الميثراية، وهي عبادة نشأت في بلاد فارس.
في ذلك الوقت، كان يُحتفل بميلاد الشمس (ميثرا)، التي كانت ترمز إلى النور والسطوع، في هذه الليلة. كان الناس يشعلون النيران والشموع لدعوة النور والشمس إلى حياتهم ويبقون مستيقظين حتى شروق الشمس. ويعتقد بعض علماء الدين أن عيد الميلاد في الديانة المسيحية، باحتفاله بميلاد يسوع المسيح، يعود إلى عيد يلدا وعبادة ميثرا.
يلدا ليست معروفة في إيران فقط. إذ يتم الاحتفال بهذه الليلة أيضًا في بلدان مثل أفغانستان وطاجيكستان وأجزاء من أذربيجان وكردستان. لكل من هذه البلدان خصوصياتها الثقافية الخاصة بها، لكن الموضوع الرئيسي للمهرجان – انتصار النور وبداية الطبيعة الجديدة – يبقى هو نفسه.
العنصر الأساسي في ليلة يلدا في إيران هو تجمع العائلة. وغالبًا ما يجتمع أفراد الأسرة في منزل كبار السن ويقضون الليلة في قراءة القصائد ورواية القصص وقراءة القصص بصوت عالٍ. وتُعد قراءة قصائد الشاعر الشهير حافظ الشيرازي التي تعود إلى القرن الرابع عشر الميلادي وسحب القرعة من مجموعته الشعرية ”الديوان“ جزءًا مهمًا آخر من الاحتفال وتعكس الثقافة الأدبية في إيران.
ومن الطقوس المهمة الأخرى في ليلة يلدا تناول بعض الفاكهة، وخاصةً البطيخ والرمان. يرمز البطيخ إلى دفء الصيف، وترمز بذور الرمان الأحمر إلى الفرح وانبعاث الطبيعة من جديد. تُقدم هذه الفاكهة على مائدة يلدا مع الحلويات والمكسرات الخاصة.
تعتبر يلدا رمزاً للتماسك وحب الطبيعة واحترام الأجداد، كما أنها تجسد موضوعات عالمية مثل النور والظلام والأمل في أيام أكثر إشراقاً في المستقبل
tun24121201
002826