14. أكتوبر 2025

من فندق إلى “ريفوغيو” – اللاجئون يحيون وسط المدينة

ميشائيل سايفرت

يُعدّ “ريفوغيو” في مدينة هيشينغن مشروعًا نموذجيًا لنجاح العمل في مجال اندماج اللاجئين، لا سيما بعد أن حصل عام 2025 من بين 135 متقدّمًا على جائزة الاندماج لولاية بادن-فورتمبيرغ في فئة “المجتمع المدني”. وجاء في حيثيات قرار لجنة التحكيم ما يثير الفضول:
“يُظهر المشروع أن الاندماج، والتعلّم، والحياة والعمل، بالإضافة إلى إحياء مركز القرية، واللقاء، وتناول الطعام الجيد ليست متناقضات. كل هذا يجتمع في الفائز بهذه الفئة! فالمشروع يؤسس من جهة لأسس المشاركة والاندماج للاجئين، ومن جهة أخرى يساهم بشكل ملحوظ في إحياء مركز البلدة عبر استغلال مبنى مهجور.”
قامت تونيوز إنترناشونال بزيارة “ريفوغيو” والتحدث مع ألموت بيترزن من “حلقة عمل اللجوء في هيشينغن”، التي تدير وتشرف على المشروع منذ بدايته

البداية – فندق مهجور يتحول إلى فرصة
في نهاية عام 2023، ظل فندق “كلايبر” التقليدي في ساحة “أوبرتور” بوسط هيشينغن مغلقًا لأكثر من عام، في حين أُغلق المطعم والمقهى التابعان له منذ جائحة كورونا. في الوقت نفسه، كان هناك عجز كبير في أماكن إيواء اللاجئين، إذ كانت السلطات تبحث عن مبانٍ مناسبة لتفادي الاعتماد على صالات الرياضة كملاجئ مؤقتة. وكان الفندق الفارغ في وسط المدينة فرصة مثالية، خصوصًا وأن حالته كانت كما لو أنه سيُعاد افتتاحه في اليوم التالي مباشرة، كما تروي ألموت بيترزن: “لم نكن بحاجة سوى لتنظيف الغرف من الغبار.”

فكرة رائعة – وتنفيذ سريع
حلقة عمل اللجوء في هيشينغن، التي تملك خبرة تفوق 30 عامًا في رعاية اللاجئين وتقديم دورات لغة ألمانية تطوعية وخلق فرص للتلاقي، تبنّت الفكرة. لم يكن الهدف مجرد استخدام المبنى كمأوى، بل جعله مشروعًا شاملاً يعود نفعه على السكان أيضًا: “كان علينا أن نعيد شيئًا ما للسكان المحليين. ولذلك قررنا إعادة فتح المقهى والمطعم ليستفيد الجميع”، تقول بيترزن
الفكرة بسيطة: “بما أننا نطبخ على أي حال للاجئين، فلماذا لا نقدّم الطعام للزبائن أيضًا؟” وبفضل دعم غونتر-مارتن باولي، حاكم مقاطعة “تسولرنآلب”، استأجر المجلس المحلي المبنى وأطلق المشروع

من اليوم الأول – مشاركة اللاجئين
بالنسبة “للنزلاء الجدد”، أي اللاجئين الذين جرى توطينهم هنا، كانت المشاركة أساسية منذ البداية: “يشاركون في دورات اللغة، ويتعلمون الأعمال البسيطة، بدءًا من فرق التنظيف، ثم تشغيل الغسالات، وصولاً إلى العمل في المطبخ أو خلف البار”، تشرح بيترزن.
في البداية يكون العمل بشكل تطوعي لا يحتاج إلى تصريح عمل، ثم بعد فترة يمكن توظيفهم. ورغم ضعف لغتهم الألمانية، يتقبّل الزبائن الأخطاء الصغيرة. وهكذا يتعلّم اللاجئون اللغة بسرعة من خلال الممارسة اليومية
ومع مرور الوقت، يتمكن المقيمون من الانتقال إلى وظائف خارج المشروع. وتؤكد بيترزن: “كل من أقام هنا لفترة أطول إما يعمل أو يشارك في دورة اندماج، وأربعة منهم بدأوا بالفعل تدريبًا مهنيًا بعد نحو سنة ونصف فقط من تعلم اللغة.”

أسرة جديدة – في مبنى قديم
تولي بيترزن أهمية خاصة للدعم النفسي الذي يقدّمه المشروع: “معظم اللاجئين عانوا من تجارب مروّعة، سواء من التعذيب أو سوء المعاملة أو الإصابات الجسدية والنفسية. العلاج النفسي شبه مستحيل الحصول عليه، لكن في هذا المجتمع يجدون الدعم.”
من خلال نظام “الكفالة” والأنشطة المشتركة تتكوّن علاقات وروابط أسرية جديدة. “يجدون هنا منزلًا حقيقيًا وحياة يومية منظمة، وهذا يحميهم من الغرق في الاكتئاب. الأهم أنهم يشعرون بأنهم مرغوبون وذوو قيمة، بغض النظر عما يقرره لهم النظام الرسمي.”

قيمة مضافة للسكان المحليين
لكن ماذا عن السكان المحليين؟ “لدينا الكثير من الزوار. عائلات تأتي بعد التنزه وتتوقف عندنا. في الصيف الأول كنا أحيانًا المطعم الوحيد المفتوح وسط المدينة. كما نقيم فعاليات كل يوم اثنين، ونظّمنا أمسيات ثقافية شهرية حيث يعرّف اللاجئون الحضور على أوطانهم وثقافاتهم، مع بوح صريح بالحنين ومعاناة الغربة.”
إضافة إلى ذلك، توجد معرض صور ونصوص بجوار المبنى يروي قصص اللاجئين وأسباب لجوئهم

من الرفض إلى النجاح
رغم وجود اعتراضات أولية من بعض أعضاء المجلس البلدي، إما بسبب تغييبهم عن القرار أو لرفضهم للفكرة، إلا أن نجاح المشروع بدّد معظم المخاوف. حتى مرور مظاهرات حزب “البديل من أجل ألمانيا” (AfD) كل يوم اثنين أمام “ريفوغيو” لم يثنِ القائمين عنه. “كنا نخشى على اللاجئين في البداية، لكن لحسن الحظ لم يحدث أي اعتداء مباشر”، تقول بيترزن

دعم من الناس والتمويل
توضح بيترزن أن المشروع ما كان لينجح دون دعم الحاكم المحلي وفريق حلقة عمل اللجوء. ويقوم 15 مدرسًا متطوعًا بتدريس اللغة، إلى جانب نحو 30 متطوعًا آخرين ينظّمون الفعاليات ويساعدون في الإدارة والإعلام. أما الأعمال اليومية في المطبخ والمطعم فيتولاها اللاجئون أنفسهم
أما التمويل، فيأتي نصفه تقريبًا من إيرادات المطعم، والنصف الآخر من التبرعات والمنح. الاهتمام الإعلامي الكبير – من Tagesschau وSpiegel Online وحتى التلفزيون الفرنسي – ساعد في جذب المزيد من الدعم. ومؤخرًا، حصل المشروع على منحة قدرها 80 ألف يورو لثلاث سنوات من وزارة الشؤون الاجتماعية والصحة والاندماج

AK Asyl Hechingen | Refugio
SWR | Integrationsprojekt Refugio
ARD Mediathek | Modellprojekt Refugio

tun25070109

tuenews.de